MENA Fem Movement for Economical, Development and Ecological Justice

غياب تمويل العدالة المناخية وحقوق الإنسان رغم توفره لشن الحروب والتطهير العرقي

كتابة ندى البوهي

عمليات غير شفافة تقوض من تعددية الأطراف 

كنا نأمل أن يتخلى مؤتمر الأطراف عن الاستعراض ويركز بشكل أفضل على العمل المناخي الشامل والطموح، إلا أن الواقع يظهر انعدام للشفافية واستبعاد المراقبين وبعض الأطراف. وعقدت العديد من المفاوضات خلف أبواب مغلقة، مع إصدار قرارات حاسمة من قبل الرئاسة في الساعة الحادية عشرة بعد مشاورات انتقائية مع أطراف من الشمال العالمي في المقام الأول.

وقد تم تحديد هذا التوجه الثنائي منذ الجلسة العامة الافتتاحية عندما تم اعتماد تفعيل المواد 6-4 والأنشطة التي تنطوي على عمليات الإزالة والمنهجية، دون تفاوض  في تجاوز واضح لتعددية الأطراف. وتهدد هذه السابقة الخطيرة النتائج على أرض الواقع. فبدون ضمانات ومراقبة وحماية الحقوق الجندرية والشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية، فإن الحل الزائف والملهي المتمثل في أسواق الكربون معرض للاختطاف من قبل لوبيات تسعى إلى تحقيق الربح بشكل لا يبالي بالمناخ وحقوق الإنسان. 

تمويل المناخ كمكون من مكونات النظام العالمي الكولونيالي 

يشكل فشل الهدف الكمي الجماعي الجديد (NCQG)  مصدر قلق إضافي بشأن مستقبل عالمنا ورفاهيتنا. ففي الوقت الذي تلقي فيه وسائل الإعلام في الشمال العالمي باللوم على دول مجلس التعاون الخليجي مثل المملكة العربية السعودية في المماطلة والتلاعب بالمفاوضات – في محاولة لإعادة توجيه الانتباه بعيدا عن افتقارها إلى الإرادة السياسية وتقسيم جنوب الكرة الأرضية- تعززت على أرض الواقع قوة وحيوية كتلة الجنوب العالمي مثل المجموعة العربية ومجموعة الـ77 زائد الصين. ووقف مناصرو حملة الملوث يدفع المعروفة بـ PayUp  بحزم للمطالبة بـ 1.3 تريليون دولار كحد أدنى للهدف الكمي الجماعي الجديد. وردا على ذلك، لجأت دول شمال الكرة الأرضية إلى التشهير الذي لا أساس له من الصحة بينما كانت تقاوم ضد وضع هدف كمي جماعي جديد، الذي تشتد الحاجة إليه استجابة لحاجيات التكيف والخسائر والأضرار.

قوضت الوعود المخلفة والتخلي عن المسؤولية التاريخية من الثقة في العمل المناخي متعددة الأطراف. وقوض سوء النية والمحاولات المتكررة لتعطيل النصوص المستندة إلى المبادئ الأساسية – مثل المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة والقدرات (CBDR-RC)، والإنصاف، والعدالة – اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. وفرض الشمال العالمي مستغلا هيمنته العالمية هذا الاتفاق على الجنوب، مقدمًا إياها بطريقة إما أن تقبلها أو ترفضها. 

وعلاوة على محدودية الهدف الجماعي الكمي الجديد (NCQG)، فإنه يفتقر أيضًا إلى الجودة والمساءلة في قاعدة المساهمين. إن استبعاد الاتفاق من ديباجة القرار وغياب الأحكام القائمة على المنح يوضحان إعادة إنتاج الفشل النظامي بشكل متعمد. إن توفير 300 مليار دولار بحد ذاته غير مضمون، ناهيك عن توفيره بطريقة قائمة على المنح التي نحتاجها. نحن نعرف هذه القصة جيدًا: استخدام تمويل المناخ كأداة لتعزيز الأنظمة الكولونيالية الحالية والدفع نحو الديون.

ويستثني الهدف الجماعي الكمي الجديد (NCQG) الخسائر والأضرار، في إغفال خطير بالنظر إلى الانبعاثات واستثمارات الوقود الأحفوري التي من المتوقع أن ترفع درجة الحرارة بمقدار 3 درجات مئوية بحلول نهاية القرن. وفي ظل فراغ صناديق الخسائر والأضرار ، فإن هذا الاستثناء يؤكد مرة أخرى رفض الشمال العالمي المستمر لتحمل المسؤولية عن الأضرار الكارثية والمعاناة التي تسبب فيها. 

وعلى الرغم من ادعاءات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC) والشمال العالمي بـالرفع بثلاث أضعاف من تمويل المناخ، تكشف الأرقام المعدلة حسب التضخم أنها أقل بكثير من هدف توفير الـ 100 مليار دولار غير المحقق لعام 2009. وعلى سبيل المثال، يمثل مبلغ الـ 300 مليار دولار المقترح تحت الهدف الجماعي الكمي الجديد (NCQG) مجرد 12% من 2.4 تريليون دولار التي تم إنفاقها على العسكرة في عام 2023 وحده. ومع ذلك، يمتلك الشمال الجرأة ليدعي أن دول مجلس التعاون الخليجي هي العقبة أمام العمل المناخي الفعال.

لايمكن لتمويل المناخ معالجة الأضرار بدون استبعاد أسواق الكربون والقروض القائمة على السوق والائتمان التصديري. إن غياب ضمانات حقوق الإنسان في دور البنوك التنموية والبنوك متعددة الأطراف سيؤدي إلى تعميق الديون والخصخصة والشروط السياسية مثل إجراءات التقشف، مما يزيد من تفاقم عدم المساواة وانتهاكات حقوق الإنسان. وسيؤدي هذا كذلك إلى الزيادة في هيمنة دول الشمال وشركات استغلال موارد الجنوب بينما يضع حقوق الإنسان تحت رحمة البنوك التنموية متعددة الأطراف والكيانات الخاصة ذات التاريخ الطويل من الانتهاكات. وهؤلاء الفاعلون يخلقون عمداً نقاط ضعف في مجتمعات الجنوب العالمي، مما يسهل استغلال الموارد البنيوي، الذي من شأنه أن يتفاقم. 

بعد أسبوعين من المفاوضات دون تحديد الكمية في النص، تم اعتماد الهدف الجماعي الكمي الجديد (NCQG) دون فتح المجال للاعتراضات، على الرغم من الطلبات الصريحة السابقة من الأطراف، مما يقوض من التعددية. ومع ذلك، أخذت كوبا والهند وكينيا الكلمة للتعبير عن اعتراضاتهم، مؤكدين أن نص القرار الجديد ليس فقط مهينًا وغير مستجيب تمامًا لنداءات واحتياجات الدول النامية، بل يعزز أيضًا الاستعمار البيئي. هناك عواقب كارثية للتمويل غير الكافي للمناخ، الذي يتفاقم بسبب نقص الطموح في التخفيف. وسيدفع الأكثر تضررًا، والأقل مسؤولية، حياتهم ثمناً لذلك. 

العدالة الجندرية تخدم العدالة المناخية، لكن كيف يمكن تحقيق ذلك دون تمويل؟ 

في الوقت نفسه، من الصعب الاحتفال بتجديد برنامج ليما المعزز لمدة عشر سنوات دون توفير التمويل اللازم لتشغيله. وعلى الرغم من أن مؤتمر الأطراف 29 يوصف بأنه مؤتمر للتمويل، إلا أنه كان أيضًا مؤتمرا جندريا. ويشكل جدول أعمال النوع الاجتماعي إلى حد ما مفارقة كبيرة نظرًا لغيابه عن لائحة أولويات الرئاسة لهذا العام. ومع ذلك، فإن الإصرار الشديد لمجموعة النساء والجندر لم يقد فقط إلى مناقشة الجندر بل أدى إلى إقرار خارطة طريق واضحة وخطوات قابلة للتنفيذ تتعلق بخطة العمل الخاصة بالجندر القادمة التي سيتم اعتمادها في بيليم. ومع ذلك، بدون التمويل الكافي، ستظل الإجراءات المناخية التحويلية الجندرية مجرد نظرية يصعب تنفيذها.

وبم تقدم المفاوضات في البداية سوى القليل من الأمل لحقوقنا الجماعية، في ظل وجود مقاومة مفاجئة للمساواة بين الجنسين تكاد تكون مثيرة للجدل مثل المعركة في غرف التمويل، حيث نجد أن الأنظمة الحالية للسلطة التي تزدهر على أزمة المناخ تزيد من تفاقم عدم المساواة بين الجنسين وتقاوم حماية حقوق الإنسان.

لا يمكن تحقيق العمل المناخي دون معالجة الأسباب الجذرية والأنظمة وهياكل السلطة التي تتغذى على عدم المساواة والظلم. ويعد التركيز على المساواة بين الجنسين والاستجابة للنوع الاجتماعي والاستثمار فيه مسألة بقاء بالنسبة للنساء والفتيات والأشخاص المتنوعين جندريا والتعبيرات الجندرية والخصائص الجنسية المتنوعة، حيث  إن الجهود المبذولة للحفاظ على “القيم الثقافية” بين بعض الأطراف تعيد إنتاج التهميش وتجعل الأفراد والمجتمعات عرضة للخطر من خلال الفشل في الاعتراف بحقوقهم وتعزيزها. فمن خلال إنكار واقع عالمنا المتنوع والمتقاطع بطبيعته، فإنهم يعيدون إنتاج الأنظمة والهياكل التي تهمش هذه الفئات وتجعلها عرضة لتأثيرات المناخ.

الحركة ستدفع في اتجاه التغيير الهيكلي 

 أصبحت عبارة “عدم ترك أحد خلف الركب” مجرد شعار فارغ، حيث أظهر مؤتمر الأطراف 29 مرة أخرى للعالم أن الشمال لا يأبه لمسؤوليته التاريخية أو للتعويضات التي يدين بها عن الأضرار والمعاناة التي تسبب فيها. إنه حكم بالإعدام على أولئك الذين خذلهم ولايزال النظام السياسي والاقتصادي الدولي الحالي.

لقد عززت قرارات النتائج الأنظمة التي تكرس عدم المساواة والظلم والتي تقود أزمة المناخ وتفاقم الفوارق. رغم أن الفصل جديد، إلا ننا أمام نفس القصة الكولونيالية والاستخراجية والعسكرية والرأسمالية والأبوية. لقد خذلنا قادة العالم مرة أخرى.

هذا ليس نداء يائسًا، بل دعوة للعمل! أضع رهاني على الناس وعلى الحركة المناخية المرتبطة بعمق بجميع الحركات الأخرى. المعركة لم تنته بعد، واتحادنا أقوى من أي وقت مضى. إننا على وشك تحقيق تحررنا الجماعي واستعادة التوازن البيئي وحقوق الإنسان.