MENA Fem Movement for Economical, Development and Ecological Justice

الأسبوع الأول في مؤتمر الأطراف COP30: فوضى، وحرارة، وتقلبات غير متوقعة

كان الأسبوع الأول من مؤتمر الأطرافCOP30  في “بيليم” مليئا بالإثارة، فقد حدثت الكثير من التطورات الحيوية رغم أن المؤتمر لا يزال في بدايته. افتُتح المؤتمر بعبارة “لولا” الشهيرة حول ضرورة التخلّص من الاعتماد على الوقود الأحفوري، وفي الوقت نفسه، الترويج لدور البرازيل في قيادة إنتاج “الوقود المستدام”، في تجاهل تام لقرار الحكومة الصادر للتو والذي يوافق على منح تراخيص لحفر جديدة في الأمازون. يبدو الأمر وكأن كل مؤتمر مناخ يتطلب، طريقة جديدة لإعادة تسويق الشيء ذاته الذي نسعى جميعاً للتخلص منه.
ثم جاءت رسالة الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “سيمون ستيل”، أو بالأحرى خطابها المسرحي، الذي قالت فيه بشكل خاص: كيف تجرؤ الشعوب الأصلية على دخول المؤتمر لرفع مطالبها؟ وكيف تجرؤ أمطار الأمازون على الهطول أثناء المفاوضات؟ وكيف لا تبني البرازيل مركز مؤتمرا اسكندنافيا مقاوما للمناخ في وسط الغابة؟ وكأن حضور الشعوب الأصلية في مؤتمر المناخ يشكل نوعاً من التعطيل المهين، وليس الصوت الأكثر شرعية في القاعة.

وفي هذه الأثناء، قامت الشعوب الأصلية في الأمازون بما يبدو أنه القيادة المناخية الحقيقية: اقتحموا مكان التفاوض، طالبوا بالعدالة، وقدّموا مطالب واضحة ومباشرة: حماية أراضيهم، إلغاء المشروعات الضخمة المدمّرة، ورفض أنظمة ائتمانات الكربون التي تعامِل الغابات كسلعة بدلاً من حمايتها. وكل هذا حدث قبل أن نصل إلى دراما التفاوض نفسها. وهذه هي ميزة أن يعقد المؤتمر في بلد مثل البرازيل حيث السكان الأصليون والمجتمعات المحلية تناضل ضد أنشطة الاستخراج داخل أراضيها وأقاليمها منذ قرون.

ماذا حدث في الأسبوع الأول؟

رغم المشاهد الجانبية، حمل الأسبوع الأول تحركات سياسية حقيقية غير ظاهرة للعيان. فقد نجحت رئاسة البرازيل في تجنب معركة حول الأجندة من خلال فتح مشاورات حول أربع قضايا حساسة — أو كما يسميها تحالف CAN International: الفرسان الأربعة — وهي: الالتزامات المالية (المادة 9.1)، التدابير التجارية الأحادية، الطموح والمساهمات الوطنية (NDCs)، والشفافية.

كما وضعت هذه المشاورات الأساس لنتيجة سياسية أوسع، إذ أشارت الرئاسة إلى أن هذه النقاشات ستندمج في “قرار تغطية” موحد، يُعرف بشكل غير رسمي باسم “قرار الموتيراو”، والذي قد يشكّل أحد أهم مخرجات مؤتمر الأطراف COP 30.

وفي الوقت نفسه، كشفت المشاورات عن انقسامات واضحة بين الدول فيما يتعلق بالتمويل والطموح، ما أعطى الرئاسة فكرة أوضح عن المواضع التي ستتطلب مساومات أو ضغطاً سياسياً. وهذه الخريطة للمواقف باتت الآن هي ما يوجّه الخطوات التالية.

وأخيراً، مهدت المشاورات الطريق لمفاوضات الأسبوع الثاني على المستوى الوزاري. فمع الإعلان عن مذكرة رئاسية مرتقبة وتشكيل فرق وزارية محددة، أصبح الأسبوع الثاني الآن جاهزاً للتعامل مع القرارات السياسية الجوهرية التي ستحدد الشكل النهائي لنتائج مؤتمر الأطراف 30 COP.

الانتقال العادل يتصدر المشهد

برزت آلية “بيلم للعمل” (BAM) كأحد أكثر التطورات إثارة للاهتمام. ولأول مرة، لا يُعامَل الانتقال العادل كموضوع جانبي، بل كمسار تفاوضي رئيسي. وقد عبّرت مجموعة الـ77+الصين، والعديد من المجموعات الإقليمية الأخرى، عن دعم قوي لها — مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى التراجع أخيرا بعد تسعة أشهر من معارضته للترتيب المؤسسي.

هذا التحول كبير، ويعني أن مركز الثقل السياسي يتحرك — ويتحرك في اتجاه العدالة.

التكيّف يصعد إلى الواجهة

أصبح التكيّف محوراً أساسياً في الأسبوع الأول. الدول النامية تطالب بمضاعفة تمويل التكيّف ثلاث مرات بحلول عام 2030، بينما تخوض مفاوضات صعبة لحماية الهدف العالمي للتكيّف من التحول إلى نص ضعيف أو رمزي. ولا تزال المعركة مستمرة حول مؤشرات التكيّف، والجداول الزمنية، وآليات المتابعة — وسيحدد الأسبوع الثاني ما إذا كنا سنخرج بنتيجة قوية أم بعبارات إنشائية.

الخسائر والأضرار

فتح صندوق الخسائر والأضرار أول دعوة لتقديم المقترحات (بقيمة تتراوح بين 5–20 مليون دولار)، لكن الخلافات ما زالت قائمة حول التوجيه، ومسؤوليات المساهمين. إن الباب مفتوح — لكن السياسة المحيطة بمن يدفع هي التي ستحدد بالضبط ما الذي سيتدفق.

الوقود الأحفوري وخارطة الطريق (TAFF)

دعت البرازيل بدعم من 63 دولة، إلى وضع خارطة طريق عالمية للانتقال بعيداً عن الوقود الأحفوري. وهذه قد تكون خطوة تاريخية — أو خطوة خطرة — فذلك يتوقف على ما إذا كان الأسبوع الثاني سيضع العدالة والتمويل ومبدأ المسؤوليات المشتركة والمتباينة (CBDR) ضمن الخارطة بالفعل، أم سيحوّلها إلى أداة جديدة تضغط على الدول النامية أكثر من الدول التي تسببت في الأزمة.

التمويل: المعركة التي تمسك بكل شيء

التمويل في مؤتمر الأطراف 30 COP لم يكن خارج التوقعات: إنه موجود في كل مكان، غائب عن كل مكان، وسياسي للغاية. فالتمويل لم يكن يوماً مجرد أرقام — بل يتعلق بالقوة، والتاريخ، والمحاسبة، ومن يقرر معنى “الطموح”.

ولفهم دراما الأسبوع الأول، يجب أن نتذكر بعض الحقائق التي تشكل كل معركة مالية:

١. وعد الـ100 مليار دولار بحلول 2020 — الذي لم يتحقق:

لقد تعهدت الدول المتقدمة بتقديم 100 مليار دولار سنويا بحلول عام 2020 (وهو التزام منخفض للغاية بالفعل نظرا لتقديرات الفريق الدولي المعني بتغير المناخ التي تقول إن الحكومات النامية تحتاج إلى ما بين 2 إلى 3 تريليون دولار سنويا للاستجابة لأزمة المناخ)— وهو الوعد الذي تكرر مرات عديدة حتى أصبح طقسا.

إنهم لم يقدموا أي شيء. أما عن الأموال التي يزعمون أنهم قدموها فقد كانت في معظمها:

  • قروضاً وليس منحاً،
  • أو مساعدات أعيدت تسميتها،
  • أو استثمارات خاصة اعتُبرت تمويلاً مناخياً.

٢. المادة 9.1 — معركة الالتزام الملزِم

تنص المادة 9.1 بوضوح : “يجب على الدول المتقدمة تمويل الدول النامية.”
هذا هو الالتزام القانوني الوحيد الواضح لدول الشمال.
لكن الدول النامية طالبت بتعهدات حقيقية يمكن تتبعها، بينما ردت الدول المتقدمة بأسلوبها المعتاد:

  • تحويل “الالتزام قانوني” فجأة إلى “تفسير لغوي”،
  • مساواة التمويل الخاص بالتمويل العام،
  • اختفاء الإرادة السياسية عند لحظة المحاسبة.

والمعركة لم تنتهِ بعد.

٣. المادة 9.5 — معركة الشفافية

تنص المادة 9.5 على أن تعلن الدول المتقدمة مسبقاً ما ستدفعه خلال السنوات القادمة. ومن دون ذلك، تُخطط الدول النامية لعملها المناخي في الظلام. لذلك أصبحت المادة 9.5 نجمة الأسبوع المفاجئة.
إن الدول النامية تريد شفافية أكبر، بينما الدول الغنية ترفض ذلك. لماذا؟ لأن الشفافية تكشف من يدفع فعلاً… ومن يختبئ خلف الحسابات الملتوية.

٤. تمويل التكيّف

التكيّف يحتاج إلى تمويل عام وواضح — لا قروض، ولا استثمارات خاصة، ولا “أدوات مبتكرة”. ورغم الخطابات التي لا تنتهي حول القدرة على الصمود، لا تزال البلدان المتقدمة تقاوم فكرة مضاعفة تمويل التكيف ثلاث مرات. إنهم يفضلون اللغة الناعمة، أو الجداول الزمنية الغامضة، أو تحويل التكيف إلى مساحات (مثل NCQG) حيث تختفي المساءلة.

٥. الهدف المالي الجديد (NCQG)

سيحل هذا الهدف الجديد محل هدف الـ100 مليار. الدول النامية تريد خطة تنفيذ واضحة بحلول 2026، بينما الدول المتقدمة تفضل أرقاماً بلا خطط، وطموحاً بلا تمويل، ومسؤولية بلا التزامات.

٦. العوائق الهيكلية — الكلمات التي يتهرب منها الشمال

الديون، التقشف، وارتفاع تكلفة الاقتراض هي الأسباب الحقيقية لتعطّل العمل المناخي في الجنوب. ومع ذلك، ترفض الدول المتقدمة إدراجها في المفاوضات.

إن التمويل يتحكم في كل النتائج. وبدونه يصبح التحول العادل مجرد خطاب، ويصبح التكيف نظرية، ويصبح التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري مطلباً لا يتوقع أن يلبيه إلا الفقراء.

الخلاصة

إذا كان الأسبوع الأول قد كشف  التصدعات، فإن الأسبوع الثاني سيكشف ميزان القوة. ومهما كانت قرارات الحكومات، فإن السردية قد تغيرت بالفعل — بفضل الشعوب الأصلية، والحركات النسوية، والعمال، والمجتمع المدني في الجنوب العالمي، الذين خرجوا في مسيرة كبيرة من أجل المناخ والحرية يوم السبت.

الأمازون تتحدث. الناس تتحدث. والعدالة لم تعد هامشاً — بل أصبحت جوهر مؤتمر الأطراف COP30