إيميليا رييس،
انتهت الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي بنتائج متوقعة ومخيبة لآمال منظمات المجتمع المدني والحركات الاجتماعية، بما في ذلك عدم مناقشة اصلاح نظام حكامة الصندوق، حيث تم الاحتفاظ ببنية تخدم الدول الغنية وتتجاهل حاجيات وصوت دول الجنوب. كما غيرت النقاشات من تركيزها على “الضبط االمالي” كعبارات تلطيفية تستعمل مكان التقشف والتي يحاولون تفاديها باستعمال مفاهيم أخرى. ولقد أظهرت خارطة طريق تطور البنك الدولي أن الوضع القائم يمكن تقديمه في حلة جديدة تخدم مصالح التمويل الخاص على حساب اتخاذ اجراءات مستدامة لصالح القطاع العام، مثل الخطوات التي تخدم تمويل المناخ. إنه لأمر يدعو للحزن أن لغة المناخ تستعمل أوصاف من قبيل “كوكب قابل للعيش” رغم عدم وجود آمال في مجهودات جماعية لتحقيق رفاه الشعوب والكوكب، في ظل السعي لتحقيق مصالح أقلية من النخب.
لقد انعقدت الاجتماعات السنوية في مراكش وسط آمال منطقة شمال افريقيا والشرق الأوسط والقارة الافريقية بإيجاد حلول حقيقية للأزمات المتعددة التي يواجهونها على أرض الواقع. إن الحركات الاجتماعية المحلية والمجتمع المدني كانت مسستعدة لعقد حوارات معمقة بشأن الديون والتدفقات المالية غير الشرعية والمناخ وتمويل البيئة علاوة على نقاش التحديات التي يطرحها عدم الاستقرار السياسي الناتج عن حصار اسرائيل للأراضي الفلسطينية. إلا أنهم وجدو كراسي فارغة وفرصا ضائعة. علاوة على عدم إصغائها، أرجعتنا قيادة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى الحقبة الاسستعمارية حيث وقف كل من بانغا وجوجيفا لالتقاط صور مع أطقال أفارقة سود مبتسمين في مشهد لايمكن رؤيته في واشنطن رفقة أطفال أمريكيين بيض. كيف يمكن لهؤلاء القادة أن يفوتو فرصة التواجد في افريقيا لإظهار أن البنك الدولي وصندوق النقد الدوليي ليسا مؤسستين تخدمان سطوة الانسان الأبيض والعنصرية الرأسمالية البنيوية إلا عن طريق اللجوء إلى العبارات المجازية؟
وبقدر ما هو محزن رؤية الوضع القائم للخوار المتعدد الأطراف بشأن دور المؤسسات المالية دون الالتزام بحقوق الانسان ومقاربة النوع والعدالية العرقية والبيئية، فإن سياق الاجتماعات السنوية شكل منتدى موات للانشطة الموازية. حيث أعطت اللقاءات المنعقدة خارج الاجتماعات السنوية فرصا للتعبير عن اهتمامات الحركات الاجتماعية والمجتمع المدني بدون لغة خشب أو عبارات تلطيفية أو مجازية في جو طبعته التعبئة. في هذا الصدد، تخلل مهرجان “إنهاء التقشف” مناقشات حول كيفية تعبئة الفاعليين في المجتمع المدني في إطار استراتيجيية مشتركة تضم تكتيكات متعددة وكيفية إعادة النظر بشكل نقدي لعملنا وسط الأزمات الحالية؟ ولقد قادتنا ندوة “إعادة تملك مستقبلنا” إلى اتخاذ خطوات إضافية مع طرح سؤال: هل الحركات الاجتماعية والمجتمع المدني على استعداد لإعادة إطلاق نداء جماعي يرجع للسبعينات والثمانينات من أجل حل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي؟ وكان الجواب مدويا: نعم! وفي اليوم الموالي، خلصت “المحكمة الشعبية العالمية” إلى أن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي يشكلان إحدى أكبر عمليات الاحتيال لهذا القرن. وخلال بقية الأسبوع، أعطت القمة المضادة وباقي الفضائات فرصا مهمة لبلورة استراتيجيات وبرامج مشتركة لوضع أهداف غير مرتبطة بالأجندة الرسمية.
فبالنسبة فبالنسبة للحاضرين في الاجتماعات السنوية، سواء في الداخل أو الخارج، كان هذا الحدث مناسبة للحلم الجماعي في وقت تتسلح فيه النخب المالية بآليات لتبقي نفوذها. إلا أن انعقاد الاجتماعات السنوية في افريقيا وفي منطقة شمال افريقيا والشرق الأوسط فتح الباب أمام مشاركة حقيقية على أرض الواقع بعيدا عن المساحات المنسقة لواشنطن، لقد كنا بحاجة مشتركة للعمل سوية. وفي العام المقبل سنعود بعزيمة أكبر لمواصلة العمل الجماعي.