MENA Fem Movement for Economical, Development and Ecological Justice

النساء في الخطوط الأمامية والرجال على طاولات اتخاذ القرار

كتابة وفاء مسرار

مرة أخرى، يبرز مؤتمر الأطراف صورة حقيقية ومؤسفة تظهر مدى التهميش الذي تتعرض له النساء في عمليات اتخاذ القرارات الحاسمة. ففي مؤتمر الأطراف 29، الحدث المحوري لمستقبل البشرية، حضرت 8 نساء فقط من أصل 78 قائدًا. ويشكل هذا التفاوت االصارخ مصدر قلق كبير بالنظر لتعرض النساء  بشكل غير متناسب لآثار أزمة المناخ، في حين أنهن يقدمن حلولا شعبية لمواجهة تداعيات التغير المناخي.

ويلقي هذا التهميش بظلاله بشكل كبير على الموضوع المركزي لمؤتمر الأطراف لهذا العام: الهدف الجماعي الكمي الجديد (NCQG)  لتمويل المناخ. فمع اتخاذ المفاوضات أشكالا أكثر حدة، يمثل الهدف الجماعي الكمي الجديد فرصة حيوية لتأمين الموارد اللازمة للدول النامية. ومع ذلك، فبدون منظور جندري، تهدد الالتزامات المالية بتفاقم التفاوتات القائمة. ويرمي الهدف الجماعي الكمي الجديد إلى توجيه الأموال نحو التخفيف والتكيف والخسائر والأضرار، ومع ذلك يجب أن تسعى المفاوضات أيضًا إلى توجيه الموارد لمعالجة الواقع المعيشي للنساء الأفريقيات، اللواتي يعانين في قلب هذه الأزمات.

ويعتبر التخفيف من بين الأهداف الفرعية الرئيسية للهدف الجماعي الكمي الجديد، مع تركيز كبير على التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري والانتقال إلى الطاقة المتجددة. وتتضمن النصوص الأولية لبرنامج عمل التخفيف (MWP)  12 إشارة تتعلق بالوقود الأحفوري، مما يبرز تقدما في معالجة قضية طال انتظارها. وتضفي الفقرة 37 من برنامج عمل التخفيف الطابع المؤسسي على الانتقال الطاقي كمسار عمل رسمي، مما يضمن دمجه في مفاوضات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ  في المستقبلية.واتخذت دول مثل البرازيل خطوات ملحوظة من خلال إدراج التزامات للتخلص من الوقود الأحفوري في آخر تحديث لمساهماتها المحددة وطنياً.

وعلى الرغم من هذه الإشارات المبشرة، لا تزال هناك فجوات صارخة. فبالرغم من أن شراكة المفوضية الأوروبية مع تحالف ما وراء النفط والغاز تهدف إلى تسريع جهود الانتقال الطاقي، يواصل تكتل الـ G77 مقاومة المقترحات الضعيفة للأهداف الوطنية المحددة، ما يجعل التفاوتات الهيكلية لأزمة المناخ لا تزال قائمة. ولا تزال النساء، لا سيما في إفريقيا، يعتمدن على أنظمة طاقة غير آمنة وقائمة على الوقود الأحفوري، بما في ذلك ممارسات الطهي الخطرة وغير مستدامة.

ولقد لفتت هذه القضية الانتباه خلال حدث جانبي رفيع المستوى في مؤتمر الأطراف 29، حيث أعاد المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية ونائب رئيس تنزانيا النظر في تعهد بقيمة 2.2 مليار دولار للطهي النظيف الذي أُعلن عنه سابقًا في باريس. وبينما تم الترحيب به كإنجاز بارز، أثار الموضوع أسئلة محورية تتعلق بمصادر التمويل والاستدامة والأهم من ذلك، يطرح سؤال أهم حول قدرة هذا التمويل على خدمة مصالح النساء الأفريقيات اللواتي يتحملن بشكل غير متناسب التداعيات الصحية والبيئية لممارسات الطهي غير الآمنة؟

إن الطهي النظيف ليس مجرد قضية تتعلق بالنوع الاجتماعي، بل هو ضرورة مناخية وقضية عدالة اجتماعية. ففي جميع أنحاء إفريقيا، لا يزال 900 مليون شخص يعتمدون على مخلفات الحيوانات والطعام للطهي، حيث تتحمل النساء العبء الأكبر من المخاطر الصحية الناتجة وتدهور البيئة وضياع الوقت. وبعد عقود من المناصرة، لاتزال وتيرة التقدم بطيئة بشكل مؤسف، حيث لم تحسن نسبة الولوج إلى الطهي النظيف إلا بـ ذ1.3% منذ عام 2000. فبدون استثمارات مستهدفة في البنية التحتية للطاقة النظيفة وآليات التمويل والتقنيات الميسورة التكلفة، ستستمر هذه الدورات من عدم المساواة.

تمنح مفاوضات الأهداف الوطنية المحددة فرصة فريدة لكسر هذه الدورة. فمن خلال إدراج منهجايات عمل تستجيب للنوع الاجتماعي في الالتزامات المالية، يمكن للأهداف الوطنية المحددة ضمان وصول التمويل المناخي إلى النساء والمجتمعات الأكثر احتياجًا، حيث يجب أن تعطي الآليات الشفافة الأولوية لولوج النساء إلى الطاقة النظيفة وتعزيز قيادتهن في التحولات الطاقية، مع زيادة الاستثمارات في التقنيات المتجددة المصممة لتلبية احتياجاتهن الخاصة.

إنه لا يمكن لمؤتمر الأطراف المرتكز على التمويل أن ينجح دون الاعتراف بأن الانتقال الطاقي ليس مجرد تحدٍ تقني أو مالي، بل هو تحدٍ عميق يتعلق بالنوع الاجتماعي. إن التقدم المحدود في مجال الطهي النظيف والاعتماد على الوقود الأحفوري واستبعاد النساء من مساحات صنع القرار كلها أعراض مترابطة تعكس فشل نظامي أوسع.

ولقد باتت إمكانية تحقيق تقدم ملموس في متناول اليد خلال مؤتمر الأطراف 29، حيث تم وضع أسس انطلاقا من المساهمات المحددة وطنيًا الطموحة للبرازيل وتم إضفاء الطابع المؤسسي على مسارات عمل الانتقال الطاقي. ومع ذلك، لم تترجم هذه الجهود إلى نتائج قابلة للتنفيذ تركز على واقع النساء وتضمن عدم ترك أي شخص خلف الركب.

فبالنسبة للنساء الأفريقيات، تمثل الأهداف الوطنية المحددة فرصة لتأمين ليس فقط التمويل المناخي ولكن أيضًا العدالة المناخية. فإذا فشلت هذه المفاوضات في تحقيق النتائج، فسيتم قياس الكلفة ليس فقط من خلال الأهداف غير المحققة ولكن أيضًا بالأرواح وسبل العيش. فعدم وجود اتفاق أفضل من التوصل إلى اتفاق سيء، حيث يتم استبعاد أو خفض التمويل أو تهميش الأشخاص الذين يجب أن يكونوا في قلب هذه الجهود. لقد حان الوقت من أجل عمل تحويلي وشامل.