MENA Fem Movement for Economical, Development and Ecological Justice

تأملات نسوية حول الاجتماعات السنوية لعام 2025 لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي: إعادة معايرة صندوق النقد الدولي (IMF)

تأملات في السياسة المالية، الشروط، ومستقبل الحوكمة الاقتصادية العالمية

ماريا سيد، مستشارة اقتصادية في شبكة العالم الثالث  (TWN)

أظهرت اجتماعات مكتب التقييم المستقل لصندوق النقد الدولي (IEO) هذا الشهر بأن المؤسسة تمرّ بمرحلة انتقالية، تسعى إلى التوفيق بين تقاليدها المالية المحافظة تاريخيًا والحقائق المتغيرة لاقتصاد عالمي متشظٍ. ومع تصاعد أزمات الديون، والصدمات المناخية، والاضطرابات الجيوسياسية عبر البلدان النامية والمتوسطة الدخل، تخضع أطر الصندوق الخاصة بالرقابة المالية وبالشروط لاختبار حدودها الذاتية.
ورغم أن الخطاب الرسمي لصندوق النقد الدولي أصبح يعترف بشكل متزايد بمفاهيم الشمولية، والاستدامة، والمرونة، فإنه لا تزال أدواته متجذرة في منطق التقشف، والاعتماد على ثقة الأسواق، وضمانات الدائنين. ما يلي هو مجموعة من التأملات حول المراجعة الجارية للسياسة المالية في الصندوق، ونهجه في تطبيق الشروط، والآثار الأوسع نطاقًا على الحوكمة الاقتصادية العالمية.

الأرثوذكسية المالية الجديدة بالخطاب القديم
تعزيز كفاءة الإنفاق والمساءلة هل الحجة الأساسية التي من شأنها يمكن أن يخلق حيزًا ماليًا، مع الإشارة إلى مكاسب محتملة في الناتج تصل إلى 7.5 في المئة على المدى الطويل في الاقتصادات الناشئة. لكن تحت هذا التحديث الظاهري تكمن الأرثوذكسية المألوفة. وكما أشار أحد المراقبين خلال الجلسة: “إن نهج الصندوق يؤطر القضايا الهيكلية ضمن إطار محلي، فيحوّل ظلم الديون العالمي إلى مشكلة كفاءة محلية.”
من خلال التركيز الضيق على إصلاحات تنظيمية وتحرير المشتريات العامة، يخاطر الصندوق بتجاهل الحقائق الأعمق لفخ الديون والتقشف، والتحرير المالي، وغياب السيادة النقدية، وهي العوامل التي تقيد الاستقلالية في السياسات العامة في معظم بلدان الجنوب العالمي.

الشروط وسياسات “التكيف
ستكون “مراجعة روك” القادمة للشروط (2026) لحظة محورية في إعادة تعريف كيفية تأثير برامج صندوق النقد الدولي على نتائج التنمية. وتشير الأدلة الحالية إلى أن الدمج المالي لا يزال يهيمن على تصميم البرامج، حيث توصي 95 في المئة من تقارير المادة الرابعة بإجراءات تقشفية، غالبًا من خلال تخفيضات في الحماية الاجتماعية الشاملة أو تحديد سقوف للأجور العامة. وكما قال ممثلو المجتمع المدني: “عندما تذهب 40 في المئة من الإيرادات العامة إلى خدمة الدين، يصبح الحيز المالي مجرد وهم.”
لقد أظهرت الأدلة التجريبية منذ زمن بعيد أن خفض الأجور العامة، وإزالة الدعم غير الموجَّه بما يؤدي إلى زيادة التضخم في دول الجنوب العالمي، وتقليص الموازنات المخصصة لقطاعات التعليم والصحة ضمن برامج الصندوق، يؤدي إلى تفاقم عدم المساواة والبطالة، وهي بالضبط الأوضاع التي يدّعي الصندوق اليوم أنه يسعى لمعالجتها. ومع ذلك، لا يزال إطار رقابة الصندوق يفتقر إلى التقييم الإلزامي للتوزيع والآثار الاجتماعية.
توصي شبكات المجتمع المدني بأن يقيس الصندوق أثر سياساته عبر مستويات الدخل والنوع الاجتماعي والموقع الجغرافي، وأن يربط هذه النتائج بـ”مؤشر الهشاشة المتعددة الأبعاد” لالتقاط العواقب الإنسانية للنصائح المالية، مع إضافة عنصر الضعف المناخي كملحق مهم لتقييم الأثر.

الأهم من ذلك، أن تأنيث التقشف يفاقم أعباء العمل غير مدفوع الأجر وأعباء الفقر الواقعة على النساء، ما يبرز النقد النسوي لتحيز التفاؤل في توقعات الصندوق الاقتصادية، خصوصًا في ما يتعلق بالمبالغة في تقدير النمو والإيرادات. فهذه التوقعات لا تأخذ في الحسبان التخفيضات في الإنفاق العام التي تقلص قطاعات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية، وتجبر النساء على سد الفجوات من خلال أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر، مما يعزز التهميش الاقتصادي الجندري.
لقد أرهقا تكاليف “التعديل المالي” وقت النساء وعملهن وصحتهن، كما أشار أحد التقارير الصادرة عن مشروع بريتون وودز بشأن أوجه عدم المساواة الاجتماعية والجندرية في رقابة صندوق النقد الدولي.

الديون، تدفقات رأس المال، والقيود الهيكلية
كانت الديون والتدفقات المالية محورًا متكررًا في الاجتماع. لاحظ المشاركون أنه رغم أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر يمكن أن تساعد في استقرار الحسابات الجارية ودعم النمو، فإن تقلبات التدفقات الاستثمارية القصيرة الأجل، مقترنة بارتفاع تكاليف خدمة الدين، يمكن أن تضخم من الهشاشة الاقتصادية الكلية. وكما قال أحد المندوبين: “لا يمكن للصندوق أن يتحدث عن الاستقرار بينما تقترض الدول لسداد الديون بدلًا من تمويل التنمية.”
غالبًا ما تفشل أطر استدامة الدين التي يصممها الصندوق لطمأنة الدائنين في الاعتراف بهذا الاعتماد البنيوي. إن الدعوات للتحول من “انضباط الديون” إلى “عدالة الديون”، بما يعترف بالأبعاد الإنسانية والمناخية للاستقرار المالي، تكتسب زخمًا متزايدًا.

غياب البعد الجندري والتكامل المناخي: من الخطاب إلى الواقع
كشفت اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لعام 2025 عن صدع عميق في الحوكمة الاقتصادية العالمية: فبينما تتقاطع أزمات الديون والمناخ وعدم المساواة، تبقى قضايا النوع الاجتماعي، وصحة الحيض، واقتصادات الرعاية خارج الأجندة المالية الأساسية. كانت مراجعة الصندوق الأخيرة للشروط خالية من أي تقييمات جندرية أو مناخية.
النقاشات التي تناولت كفاءة وفعالية الإنفاق العام في تعزيز النمو الاقتصادي أعادت إنتاج السرديات النيوليبرالية حول “الإنفاق المحفز للنمو” و”الإنفاق التخصيصي” لتعزيز القدرات الإنتاجية للدول.
لكن هذا المنظور يحجب الفهم الحقيقي لكيفية تآكل الحيز المالي في الدول المثقلة بالديون والمعرضة للمناخ، بسبب التركيز على تعبئة الإيرادات وتقليص الإنفاق، وهي إجراءات تمسّ الأفراد والمجتمعات المهمشة، خصوصًا النساء في الأسر منخفضة الدخل، وتزيد من أعباء عمل الرعاية غير المدفوعة والمدفوعة عليهن.
وعلى الرغم من أن نهج الصندوق تجاه النوع الاجتماعي قد تطور ليُدرج تحت مفهوم “الأهمية الماكروية”، فإن الاتجاه الأساسي للسياسات ظل ثابتًا، مع استمرار انكماش القطاع العام في الاقتصادات منخفضة الدخل والانتقالية. ومع ذلك، فشل التقرير في التأكيد على أهمية الاستثمار في البنية التحتية المادية والاجتماعية، الضرورية لبناء نظام رعاية تحويلي.

منذ اعتماد استراتيجيته المناخية لعام 2021، وسّع الصندوق أدواته لتشمل “صندوق المرونة والاستدامة (RSF)” وأدوات تشخيص مناخية جديدة. وتُظهر تحليلات الموظفين أن ثلث تقارير الرقابة التابعة للصندوق تشير الآن إلى المخاطر المناخية باعتبارها ذات أهمية ماكروية.
ومع ذلك، لا يزال الصندوق يتعامل مع المناخ كـ”صدمة خارجية” يجب دمجها في المنهجية الحسابية لآثارها “الحقيقية” كي تُتخذ “الإجراءات المناسبة”.
ورغم أن لغة الصندوق تطورت من “الوعي إلى العمل”، فإن التنفيذ لا يزال مجزّأً. وقد أعدّت “الشبكة غير الرسمية للمناخ” المكونة من 23 دولة جدول أعمال مشتركًا، لكن لا تزال الأسئلة مطروحة حول ما إذا كانت السياسات المالية القائمة على المخاطر وأدوات التأمين المناخي ستصل إلى المستوى المطلوب. كما حذّر ممثلو المجتمع المدني: “الخطاب الأخضر دون قدرة مالية يتحول إلى تقشف أخضر.”
يتطلب دمج المناخ أكثر من النمذجة الماكروية؛ فهو يستلزم سياسات مالية تحمي موازنات التكيف، وتدعم التحولات العادلة، وتحترم مبدأ المسؤوليات المشتركة لكن المتباينة، وهو مبدأ لا يزال غائبًا إلى حد كبير عن أطر الصندوق.

إعادة النظر في الحوكمة والتمثيل
لا يزال الجدل حول حوكمة الصندوق دون حل. فإصلاح الحصص، وهي عملية تتطلب موافقة 85 في المئة من الأعضاء، يظل متعثرًا بسبب مقاومة الاقتصادات المتقدمة.
أكدت الاقتصادات الناشئة والدول الإفريقية أن تمثيلها لا يزال ضئيلاً مقارنة بوزنها الاقتصادي العالمي.
ستحدد المناقشات حول إعادة معايرة صيغ الحصص، وحماية حصص الأعضاء الأصغر في المجلس التنفيذي، وتوسيع صوت الجنوب العالمي، مدى شرعية الصندوق في العقد المقبل.
كما صاغ أحد المندوبين الأفارقة السؤال بوضوح: “كيف لمؤسسة تنصح بالنمو الشامل بينما حوكمتها نفسها إقصائية؟”

الهشاشة، الأزمات الإنسانية، والتدخل المبكر
أكد مكتب التقييم المستقل أيضًا الحاجة إلى أنه يتكيف الصندوق مع العمل في الدول الهشة والمتأثرة بالنزاعات. طُرحت أفكار مثل “مقايضات الديون الإنسانية”، و”التسهيلات الائتمانية المرنة”، و”الآليات المالية الاستباقية” كأدوات للاستجابة السريعة.
أظهرت دراسات حالة مثل لبنان خطر الدمج المالي وسط هشاشة سياسية، وأُثيرت مخاوف حول كيفية تأثير تدخل الصندوق أو صمته على تصورات الشرعية والملكية الوطنية.
يتعين على الصندوق التنسيق مع الفاعلين الإنسانيين وإدماج الحماية الاجتماعية بشكل أكثر فاعلية ضمن آليات الرقابة. وكما أشار أحد ممثلي المجتمع المدني: “ستعتمد أهمية الصندوق في الأزمات على قدرته على التحرك قبل أن تتحول الهشاشة إلى فشل.”

من الإصلاح التقني إلى التجديد الأخلاقي
تُبرز التأملات المستخلصة من اجتماعات مكتب التقييم المستقل صراعًا أعمق داخل الصندوق بين الاعتراف والتردد: اعتراف بأن العدالة الاجتماعية والمناخية والتوزيعية يجب أن تحدد مفهوم المسؤولية المالية؛ وتردد في التخلي عن راحة الأرثوذكسية.
ومن منظور نسوي، فإن هذا الإغفال ليس عرضيًا بل هيكليًا، ويعكس مؤسسات لا تزال مدفوعة بأولويات الدائنين وأرثوذكسية النمو بدلًا من العدالة الاجتماعية.
وكما أكدت الحركات النسوية منذ زمن، فإن العدالة في الديون، والعدالة المناخية، والعدالة الجندرية مترابطة؛ إذ لا يمكن للاقتصادات أن تكون مستقرة أو مستدامة حقًا ما دامت تستند إلى العمل غير المرئي للنساء وإلى نقص تمويل الرعاية.
التحدي الآن لا يقتصر على إصلاح سياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بل على إعادة تصور غاية التعددية الدولية نفسها نحو بنية اقتصادية نسوية قائمة على المساواة، والمساءلة، وحق الإنسان في العيش بكرامة.
إذا أراد الصندوق الحفاظ على مصداقيته في عصر الأزمات المتداخلة، فعليه أن يعيد تعريف الاستدامة المالية بما يتجاوز الأهداف الرقمية، ليضع في مركزها العدالة والمساواة وحقوق الإنسان.