MENA Fem Movement for Economical, Development and Ecological Justice

تأملات نسوية حول الاجتماعات السنوية لعام 2025 لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي: حول مقاومة التقشّف واستعادة العدالة

جوليا غيرلو، مؤسسة البيئة والموارد الطبيعية (FARN)، الأرجنتين

يمكنني أن أبدأ بالقول: “فشل آخر لهذا الاجتماع”. هذه العبارة تشير بالضرورة إلى عائق. وتدعونا، كحركات نسوية واجتماعية وبيئية، إلى التساؤل عن سبب استمرار غياب عملنا ونضالاتنا والرؤى التي نسعى لبناء عالم قائم عليها عن هذه المساحات العالمية. ومع ذلك، أقول ذلك وأنا متمسكة بالطاقة التي نحملها، وبالتبادلات بين دول الجنوب العالمي وبعضها، وبالقناعة بأن العديد من منظمات المجتمع المدني والأكاديميين والناشطات والناشطين ما زالوا يدفعون باتجاه نظام أفضل، أو حتى نظام جديد بالكامل.

ستمرّ الموجة اليمينية الحالية في النهاية، لكن هل يكفي أن تتغير الرياح؟

بعد مرور ثمانين عامًا على إنشاء مؤسسات بريتون وودز، ما نراه هو أن الوضع القائم لا يجب أن يستمر: فالهندسة المالية الدولية ما تزال مترددة في التغيير، لأن أي تحول حقيقي سيتطلب بالضرورة إعادة ترتيب في موازين القوى والموارد. وبدلًا من ذلك، تستمر هذه البنية في تعميق أوجه اللامساواة، وخصخصة الخدمات الأساسية، وتحميل كلفة سياسات التقشف على النساء والمجتمعات المهمشة.
المشكلة هي ذاتها. من موقع تجربتي في الأرجنتين، رأيت كيف كبّل عبء الدَّين بلادي، وكيف تُطبّق الوصفات نفسها من التقشف في مصر وكينيا وغيرها. وقد حذّر أحدث تقرير لآفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي من الارتفاع المقلق في الدين العام العالمي. ففي الاقتصادات الناشئة والنامية، يُتوقع أن يصل الدين إلى 82٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، مقارنةً بما يقل قليلًا عن 70٪ في عام 2024. يُقوّض هذا المسار بوضوح قدرة بلدان الجنوب العالمي على تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية.

يواصل صندوق النقد الدولي حثّ الحكومات على تطبيق تعديلات مالية، وإعطاء الأولوية لما يسميه “الإنفاق الإنتاجي”، وإصلاح الأنظمة الضريبية. وفي الأرجنتين، يقدّم الاتفاق الأخير مع الصندوق دليلًا واضحًا على ما يعنيه ذلك عمليًا: بين عامي 2023 و2025 انخفض الإنفاق الاجتماعي بنسبة 17٪ بالقيمة الحقيقية، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ عام 2010. كما تمّ تفكيك البرامج البيئية، إذ م تخفيض ت ميزانية الحفاظ على الغابات بنسبة 80٪، والترويج للطاقة المتجددة بأكثر من الثلثين، وقدرات إدارة الحرائق بأكثر من 35٪.

وفي الوقت نفسه، يشير دمج وحدات الجندر والمناخ داخل كل من وزارة الخزانة الأمريكية وصندوق النقد الدولي خلال هذه الاجتماعات إلى تراجع مقلق في الاهتمام بهذه الأجندات. إن دمج قضايا الجندر والمناخ في الأطر الاقتصادية الكلية الأوسع يهدد بتخفيف تركيزها النوعي، مما يحدّ من القدرة على معالجة التحديات المتمايزة التي تواجهها المجتمعات الضعيفة، خصوصًا في الجنوب العالمي. ويعكس هذا القرار اتجاهًا مقلقًا يُضعف مبدأ العدالة ويشكل خطوة إلى الوراء في الجهود الرامية إلى إصلاح البنية المالية الدولية.

إن تقلص الموارد المخصصة والتركيز المؤسسي على قضايا الجندر والبيئة يقوّض من تنفيذ السياسات الضرورية لتحقيق العدالة. وتؤثر هذه التخفيضات بشكل غير متناسب على النساء والفئات الضعيفة، مما يفاقم الآثار الجندرية والاجتماعية لسياسات التقشف.

في مواجهة هذا المشهد، تواصل الحركات النسوية والبيئية في الجنوب العالمي طرح السؤال العاجل ذاته: من المستفيد من التقشف، ومن يدفع الثمن؟ ما نراه اليوم ليس مجرد أزمة اقتصادية، بل أزمة بنيوية عميقة، أزمة تحدّ من قدرتنا الجماعية على تخيّل وبناء اقتصادات تتمحور حول الرعاية، وإعادة التوزيع، وصحة الكوكب، في عالم تتشابك فيه أزمات المناخ واللامساواة.

لقراءة المزيد، من هنا.