الدكتور يوسف الكمري – أستاذ باحث وناشط ف المجتمع المدني.
لا شك أن تغير المناخ له تأثير كبير على جميع الفئات الاجتماعية في جميع البلدان، خاصة التي تعتمد بشكل أكبر على الموارد الطبيعية في كسب عيشها، والتي لديها أقل قدرة على الاستجابة للمخاطر الطبيعية، مثل موجات الجفاف والانهيارات الأرضية والفيضانات والأعاصير. في نفس الوقت، تواجه النساء عادة مخاطر وأعباء أكبر من آثار تغير المناخ في حالات الفقر، وتشكل النساء غالبية فقراء العالم. ولهذا، تؤدي المشاركة غير المتساوية للمرأة في عمليات صنع القرار وأسواق العمل إلى تفاقم أوجه عدم المساواة وغالباً ما تمنع المرأة من المساهمة بشكل كامل في التخطيط وصنع السياسات وتنفيذها فيما يتعلق بالمناخ. لقد هدفت خطة العمل المتعلقة بالمساواة بين الجنسين، والتي تم إطلاقها في مؤتمر الأطراف الخامس والعشرين في مدريد (COP25)، والتي تعتمد على برنامج عمل ليما بشأن المساواة بين الجنسين التابع لمؤتمر الأطراف العشرين، إلى دمج التفكير والسياسات التي تراعي النوع الاجتماعي في مفاوضات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. حاليًا، في السنة قبل الأخيرة من ولايتها الممتدة لخمس سنوات، كان المقصود من خطة عمل المساواة بين الجنسين أن تكون “مفاوضات إجرائية للغاية” في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين.
وكما نعلم جميعاً على أن الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ أقرت بأهمية إشراك النساء والرجال على قدم المساواة في عمليات اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وفي تطوير وتنفيذ السياسات المناخية الوطنية التي تستجيب للمنظور الجنساني من خلال إنشاء بند مخصص في جدول الأعمال بموجب الاتفاقية يتناول قضايا المساواة بين الجنسين وتغير المناخ. خلال هذه الدورة الأخيرة، وضعت رئاسة مؤتمر COP28 قضايا المرأة والمساواة بين الجنسين في سياق العمل المناخي على رأس أولوياتها قبل انطلاق أشغال القمة. وخصصت يوما ضمن الأيام الموضوعاتية المبرمجة ما بين 29 نونبر و12 دجنبر 2023 لهذا المحور الذي نعتبره قضية اجتماعية عادلة (Gender Day) ، وذلك سعيا لدعم مشاركة المرأة وتعزيز أدوارها في مجابهة تغير المناخ، ونشير هنا إلى أن حجم المساهمات المالية الجديدة لدعم قضايا المساواة بين الجنسين قد بلغت نحو 2.8 مليون دولار. أيضا، نود الاشارة، إلى أنه في هذه الدورة 28، وقد ركز الحوار التقني على تمويل التحول العادل الذي يراعي المساواة بين الجنسين، وتضمن مناقشة رفيعة المستوى وورشة عمل فنية حول هذا الموضوع.
لقد أعدت الأمانة عددًا من التقارير المكلفة بالنظر فيها من قبل الأطراف في الدورة الثامنة والعشرين، والتي تسلط الضوء على التقدم البطيء في مشاركة المرأة الكاملة والمتساوية والهادفة خاصة على المستويات القيادية. أما على مستوى المفاوضات تتمثل القضايا الرئيسية التي اختارت الأطراف النظر فيها في الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في استعراض برنامج العمل المواضيعي المعزز بشأن النوع الاجتماعي وخطة العمل الخاصة به، لإقرارها ودخولها حيز التنفيذ في الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف. كما تم الاستدلال أثناء العمل على البرنامج بمشاورات مكثفة مع الأطراف والمجتمع المدني والشعوب الأصلية وغيرها من الجهات الفاعلة غير الحكومية على مدار العام، للبدء في تعميم مراعاة المنظور الجنساني في العمل المناخي. لقد ظل التمويل نقطة شائكة طوال المفاوضات، حيث أكدت البلدان النامية إنها بحاجة إلى موارد لتنفيذ سياسات تستجيب للنوع الاجتماعي على المستوى الوطني.
أما النص الذي تم اعتماده في النهاية فقد “تم تقليصه” إلى حد كبير. ولم يتم تضمين الإشارات إلى عدد من ورش العمل والتقارير التي تم تنفيذها كجزء من الخطة، بما في ذلك تقرير منظمة العمل الدولية حول النوع الاجتماعي والانتقال العادل، في القرار النهائي. ومن المتوقع تجديد خطة عمل المساواة بين الجنسين وإعادة التفاوض بشأنها في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين العام المقبل. من المهم جدا تسليط الضوء على أهمية البيانات المفصلة بين الجنسين، لأنه بدون البيانات يكون من الصعب أن نفهم بشكل كامل تأثيرات تغير المناخ على النساء والفتيات، وبالتوازي يمكننا التقليل من قيمة مساهماتهن في العمل المناخي، ومن المهم أيضًا ملاحظة أن البيانات التي نعرفها تعتبر أمرًا أساسيًا لإرشاد عملية صنع القرار بشأن التمويل وتخصيص الموارد، وبالتالي نعتبر الولوج إلى المعلومة سيمكن المجتمع المدني من لعب أدواره الحقيقية في الترافع من أجل المساواة بين الجنسين ومناصرة قضايا النوع الاجتماعي.