MENA Fem Movement for Economical, Development and Ecological Justice

خلاصات مؤتمر COP30: آلية بيلم من قلب الحريق

اختتمت قمة المناخ في نسختها الثلاثين تماما كما وعد أسبوعها الأول: جرعة عالية من الدراما والعرق وموجة جارفة من التناقضات. فقد استهلكت المفاوضات ساعاتها الأخيرة لتنتج قرارا عاما مليئا بالطموح، لكنه مصاب بنفور شديد من المساءلة، ونصا تمويليا يبدو أشبه بقصيدة عن “المحاولة”، وسباقا وزاريا يائسا لدفع صياغات ضعيفة عبر خط النهاية قبل أن يغمر المطر القاعة مجددًا.

 

ومع ذلك، وبعد أسبوعين من المعارك الإجرائية، وجلسات الصياغة التي لا تعرف النوم، والاحتجاجات في الممرات، ومسيرة تاريخية في الشوارع، فعلت القمة ما لم يفعله أي مؤتمر مناخي قبلها: أنشأت آلية بيلم للعمل.

 

آلية ولدت من قلب الحركات الشعبية

 

للمرة الأولى، يتم التعامل مع “الانتقال العادل” باعتباره انتقالا بنيويا—لا فقرة عن الوظائف، ولا هامشا أخلاقيا، ولا شعارا للاستهلاك.

فآلية بيلم للعمل تعتبر مساحة سياسية لإدارة الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تصاحب إنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري.

ولنكن واضحين: هذه الآلية ليست أداة تمويل.

لا تجمع الأموال، ولا توزعها، ولا تتظاهر بأنها محفظة سحرية تُسدّد فيها ديون العدالة.

إنها شيء أكثر جذرية من المال: آلية لتعريف العدالة ورصدها والمطالبة بالمساءلة بشأنها خلال مسارات الانتقال—من خلال مؤشرات وتفويضات وتوقعات تحاسب الحكومات على أساسها.

 

في المقابل، انهارت قصة التمويل تماما كما توقّعت الحركات الاجتماعية.

كان التمويل ساحة المعركة… وموقع الدفن في آنٍ معًا.

الدول التي أمضت شهورًا تطالب بالتزامات قانونية وفقًا للاتفاقيات، دُفِعت نحو “جهود جماعية” و“مسارات طوعية”.

وأُضعِفت الشفافية—الأداة الوحيدة التي تكشف من يدفع ومن يتوارى – بشكل عطوني.

 

أما الهدف الجديد للتمويل، فتم تصويره كرقم بلا خطة تنفيذ، وطموح بلا تطبيق، ومسؤولية بلا التزام.

 

النص ينتهي… أمّا النضال فمستمر

 

التكيّف؟ ما يزال وعدًا بلا تكلفة.

الخسائر والأضرار؟ صندوق بلا مساهمين.

الانتقال بعيدا عن الوقود الأحفوري؟ ذُكِر… لكنّ الخطط غائبة، والجداول الزمنية غائبة.

ومع ذلك—تبقى آلية بيلم قائمة.

ليست صدقة، وليست منحة من الحكومات، بل انتصار مؤسسي انتزعه العمال والشعوب الأصلية والنسويات والشباب والمجتمعات في الصفوف الأمامية، ممن ناضلوا و ناضلن لسنوات ليصبح “الانتقال  العادل” بندًا للتفاوض لا نشاطًا هامشيًا.

 

إلى العمّال الذين أطفأوا النار 

 

قبل الاحتفال بالنار السياسية التي أشعلتها الآلية – بيلم–، يجب توجيه تحية لأولئك الذين أطفأوا النارفى مقر المؤتمر —عمال القاعة الذين اندفعوا وسط الدخان، وأوقفوا الأنظمة الكهربائية، ومنعوا الذعر بهدوء بينما كان قادة العالم يناقشون “إدارة المخاطر”.

هؤلاء لم يتفاوضوا على السلامة—بل قدّموها.

وفي مؤتمر عنوانه التحوّل، كانوا هم التحوّل—فوريًا، عمليًا، ومنقذًا للحياة بحق.

 

عملهم يذكّرنا أن التحوّل العادل لا يمكن التفاوض بشأنه إذا لم يكن العمّال في مركز العملية—آمنين، محترمين، ومحاطين بالحماية.

لقد قاموا بما ترفض الحكومات تمويله: الحماية.

 

المعركة المقبلة

 

لكن هناك تحذيرات: المشاركة ليست مُضمونة.

العديد من الحكومات ستفضّل أن تبقى آلية بيلم خلف أبواب مغلقة، تحت سيطرة القوى نفسها التي قاومتها.

وسيتعيّن على المجتمع المدني أن يخوض معركة الدخول إلى الغرفة التي بنتها الحركات.

 

لا تمويل يعني لا تحوّل.

لا مساءلة تعني لا طموح.

ولا تصفيق مهذب بعد اليوم للوعود الفارغة.

 

لم تُقدم القمة الأموال—لكنّها قدمت الآلية التي ستدفع المعركة نحو المستقبل.

لم تعد العدالة نقاشا… بل أصبحت تفويضًا.

والفصل المقبل سيكون حول من سيصوغ هذا التفويض، ومن سيموله، ومن سيحاسب عليه.

 

لقد تحدّثت غابات الأمازون. وتحدّثت الحركات الشعبية.

والآن تتحدّث آلية بيلم—ولن تصمت.


*الصورة الرئيسية بواسطة شبكة العمل المناخي (Climate Action Network)